امنية عمرية

امنية عمرية
او حاجتنا إلى رجال
في دار من دوار المدينة جلس عمر إلى جماعة من الصحابة فقال لهم : تمنوا فقال أحدهم أتمنى لو ان هذه الدار مملوءة ذهبا أنفقه في سبيل الله ثم قال رجل آخر أتمنى لو انها مملوءة لؤلؤا وزبر جدا وجواهر أنفقه في سبيل الله واتضدق به. تم قال تمنوا فقالو ما ندري مانقول يا امير المؤمنين ؟ فقال عمر ولكني اتمنى رجالا مثل ابي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن .جبل وسالم مولى ابي حذيفة فأستعين بهم على إعلاء كلمة الحق
رحم الله عمر الملهم لقد كان خبيرا بما تقوم به الحضارات الحقة وتنهض به الرسالات الكبيرة وتحيا به الأمم الهامدة
إن الأمم والرسالات تحتاج إلى معادن المذخورة والثروات المنشورة ولكنها تحتاج قبل ذالك إلى الرءوس المفكرة التي تستغلها والقلوب الكبيرة التر ترعاها والعزائم القوية التى تنفذها انها تحتاج إلى الرجال
الرجل أعز من كل معدن نفيس وأغلى من كل جوهر ثمين ولذالك كان وجوده عزيزا في دنيا الناس حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :إنها الناس كإبل مائة لا تكاد تجدفيها راجلة
الرجل الكفء الصالح هو اكسر الحياة وروح النهضات وعماد الرسالات ومحور الإصلاح
أن القوة ليست بحد السلاح بقدر ما هي في قلب الجندي ولاعدل ليس في نص القانون بقدر ما هو في ضمير القاضي والتربية ليست في صفحات الكتاب بقدر ماهي في روح العلم وإنجاز المشروعات ليس في تكوين اللجان بقدر ماهو في حماسة القائمين عليها
فلله ما أحكم عمر حين لم يتمن فضة ولا ذهبا ولا للؤلؤا ولا جوهرا ولكنه تمنى رجالا من الطراز الممتاز الذين تتفتح على ايديهم كنوز الأرض وابواب السماء
ان رجلا قد يساوي مئة ورجلا قد يوازي ألفا ورجلا قد يزن شعبا يأسره وقد قيل
رجل ذو همة أيحي أمة
حاصر خالد الحيرة فطلب من ابي بكر مددا فأمده إلا برجل واحد هو القعقاع بن عمر التميمي وقال لا يهزم جيش وفيه مثله وكان يقول لصوت القعقاع في الجيش خير من ألف مقاتل
ولكن ما الرجل الذي نريد؟ هل هو كل من طل شاربه ونبتت لحيته من بنى الأنسان ؟ إذن فما اكثر الرجال
ان الرجولة ليست بالسن المتقدم فكم من شيخ في سن السبعين وقلبه في سن السابعة يفرح بالتافه ويبكي على الحقير ويتطلع إلى ما ليس له
وكم من غلام في مقتبل العمر ولكنك ترى الرجولة المبكرة في قوله وعمله وتفكيره وخلقه
مر عمر على ثلة من الصبيان يلعبون فهرولو وبقي صبي مفرد في مكانه هو عبد الله بن الزيبر فسأله عمر لم لم تعد مع أصحابك ؟فقال يا امير المؤمنين لم أقترف ذنبا فاخافك ولم تكن الطريق ضيق فأوسعها لك
اولئك لعمري هم الصغار الكبار وفي دنيانا ما أكثر الكبار الصغار
وليست الرجولة ببساطة الجسم وطول القامة وقوة البنية فقد قال الله تعالى في طائفة من المنافقين وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم
ومع هذا فهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم ... وفي الحديث الصحيح يأتي الرجل العظيم السمين يوم القايمة فلا يزن عند الله جناح بعوضة ... إقرا قوله تعالى فلا نقيم لهم يوم القايمة وزنا
ليست الرجولة بالسن ولا بالجسم ولا بالمال ولا بالجاه وإنما الرجولة قوة نفسية تحمل صاحبها على معالي الأمور وتبعده عن سفسافها قوة تجعله كبيرا في ضغره غنيا في فقره قويا في ضعفه قوة تحمله على ان يعطي قبل أن يأخذ وأن يؤدي واجبه قبل ان يطلب حقه واجبه نحو نفسه ونحو ربه ونحو بيته ودينه وأمته
ولم تر الدنيا الرجولة في اجلى صورها وأكمل معانيها كما رأتها في تلك النماذج الكريمة التي صنعها الإسلام على يد رسول عظيم من رجال يكثرون عند الفزع ويقلون عند الطمع لا يغريهم الوعد ولا يلينهم الوعيد لا يغريهم النصر ولا تحطمهم الهزيمة
من الرجال المصابيح الذين همو كأنهم من نجوم حية صنعوا
أخلاقهم نورهم من أي ناحية أقبلت تنظر في أخلاقهم سطعوا
أما اليوم وقد افسد الإستعمار جو المسلمين بغازاته السامة الخانقة من إلحاد وإباحية فقلما ترى إلا أشباه الرجال ولا رجال
أعجبتني وآلمتني كلمة لرجل درس تعاليم الغسلام السمحة الشاملة فقال في إعجاب مرير : يا له من دين لوكان له رجال
وهذا الدين الذي يشكوا قلة الرجال بضم الملاين من المسلمين ينتسبون إليه ويحسبون عليه ولكنهم كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ...غثاء كغثاء السيل .. أو كما قال الشاعر
يثقلون الأرض من كثرتهم ثم لا يغنون في أمر جلل
وما يغني عن الإسلام رجال أهميتهم أنفسهم وحمتهم شهواتهم وسيرتهم مصالحهم رجال يعتقدون أن شعوب مجموعة من الأصفار لا يصلحون إلا اتباعا ولا يحيون إلا أذنابا فلا وثقوا بأنفسهم ولا اعتمدوا على ربهم رجال يجمعهم الطمع ويفرقهم الخوف أو كماقيل يجمعهم مزمار وتفرقهم عصا رجال كأنهم صنعو من الزجاج لا يستر عورتهم ولا يتحمل رميت حصاة
أما والله لو ظفر الغسلام في كل ألف من أبنائه برجل واحد فيه خصائص الرجولة لكان ذالك خيرا له وأجدى عليه من هذه الجماهير المكدسة التي لا يهابها عدو ولا ينتصر بها صديق :
فليت لي بهمو قوما إذا ركبوا شنوا الإغارة فرسانا وركبانا
لا يسألون أخاهم حين يندبهم في النائبات على ما قال برهانا